تصنيف ابن رشد للمذاهب القائلة بالكون والمثبِتة للسبب الفاعل وموقفُه منها (*)

تصنيف ابن رشد للمذاهب القائلة بالكون والمثبِتة للسبب الفاعل
وموقفُه منها (*)
عزيز بوستا
هذا البحث صيغة منقحة من ورقة سبق أن شاركنا بها ضمن أعمال مائدة مستديرة حول “ابن رشد في حاضرة مراكش”، التي تم تنظيمها بمدينة مراكش من طرف كلية الآداب بالرباط، بدعم من المؤسسة الألمانية “كونراد أديناور”، وذلك في الفترة ما بين 24 و27 أبريل 1997.

عَرف الفكر الفلسفي منذ نشأته العديدَ من النظريات التي قَدمت تفسيرات مختلفة لظاهرة “الكون والفساد” في العالم الطبيعي؛ تراوحت بين إنكار هذه الظاهرة واعتبارها ممثلة لحقيقة العالم، والبحث وراءها عن حقائق ثابتة، أو محاولة المزاوجة بين الموقفين السابقين مع ترجيح كفة أحدهما على الآخر.
وقد كان الفكر العربي ـ الإسلامي حافلا بالعديد من المذاهب المفسرة لهذه الظاهرة، سنحاول ـ في هذا المقال ـ التعرف على أهم ما يميزها من خلال تصنيف ابن رشد لها. ولن يكون هدفنا البحثُ في مختلف المواقف القائلة بالكون في أصولها ـ لأن ذلك يفوق حدود هذا البحث ـ بل ما يهمنا منها هو فقط عرض ونقد ابن رشد لمختلف المواقف السائدة في عصره بخصوص موضوع “الكون”، لمعرفة مدى وعيه بالمشاكل التي لم تستطع ـ تلك المواقف ـ حلها، ومدى تميز موقفه الخاص من هذه المسألة وخصوبته وشساعة آفاقه.
ويبدو من خلال عنوان هذا المقال أنه يقصي المذاهبَ المنكِرة لظاهرة الكون والفساد، كما يقصي المذاهبَ المثبتة لوجود الكون والنافية للسبب الفاعل، كمذاهب الإيليين والذريين وأصحاب العلم الطبيعي والدهريين، وذلك لشساعة هذا الموضوع من جهة، ولتركيزنا على المذاهب التي كان لها صدى أكبر في الفكر الإسلامي من جهة أخرى.
يصنف ابن رشد المذاهب القائلة بالكون والمثبثة لوجود السبب الفاعل إلى خمسة أصناف: حيث يقف مذهب أهل الإبداع والاختراع، القائلين بأن الفاعل يبدِع الكائن بكامله، على طرف النقيض مع مذهب القائلين بالكمون (1). بينما تتوسطهما باقي المذاهب الثلاثة: مذهب ابن سينا وأصحاب واهب الصور، ومذهب الفارابي وثامسطيوس، ومذهب ابن رشد وأرسطو (2). فعلى أس أساس أقام ابن رشد هذا التصنيف؟ وما الذي يميز موقفه الخاص من الكون عن هذه المواقف المخالفة له؟ وما مدى أهمية موضوع الكون هذا في فلسفة ابن رشد؟ للإجابة عن هذه الأسئلة سنعرض بتركيز شديد لأهم ما يميز هذه المذاهب بخصوص موضوع الكون والفساد، لنتوقف بعد ذلك عند موقف أبي الوليد من نفس الموضوع.

I ـ مذهب المتكلمين (أهل الإبداع والاختراع) في الكون والفساد:
تتكون الموجودات لدى المتكلمين من خلال إبداعها من لاشيء؛ وذلك بأن يخترع الله صورَها وموادَّها ويهبَها القدرةَ على الوجود، ويظل حافظا لوجودها هذا بتجديد خلقها باستمرار، إلى أن يشاءَ فسادَها وإعدامها بتوقفه عن رعايتها (3).
وقد اعتبَر ابن رشد قولَ المتكلمين بكون الكائنات من لاشيء خروجا عن الطبع والعقل،

لأن الكائن متغير ضرورة، أما اللاشيء أو العدم فلا يتغير (4). وبالتالي فإن قولهم هذا “يَلزم عنه ألا يكون (العالم) مكوَّنا، وذلك أن الكون لا يصح أن يَكون من العدم بالذات” (5)، لأن العدم لا ينقلب وجوداً.
وما جَعَل المتكلمين ـ في نظر ابن رشد ـ يدافعون عن الخلق من عدم، اعتقادُهم أن المكوِّن لشيءٍ يَفعل مادتَه وصورتَه، إن كان مركَّبا “أو يفعله بجملته إن اعتقدوا أنه بسيط كما يعتقدون في الجوهر الذي لا يتجزأ” (7). أي أن الفاعل يُخرج الكائن من العدم إلى الوجود، من اللاشيء إلى شيء معيَّن. فهل ينعكس هذا الفعلُ لدى المتكلمين عند فساد الشيء، بنقل الفاعل له من الوجود إلى العدم؟ يجيب ابن رشد على هذا السؤال بالنفي، حيث يَنسب لهم القولَ بـ”أن الفاعل لا يَقدر على إعدام الشيء قالوا لأن فِعلَ الفاعل إنما يتعلق بالإيجاد والاختراع لا بالإعدام فانظر كيف امتنَع عندهم نَقلة الفاعل للموجود مِن الوجود إلى العدم ولم يَمتنع عندهم نَقلته مِن العدم إلى الوجود” (8). وذلك لأن فِعلَ الفاعل لا يَخلق العدمَ، مادام ـ هذا الأخير ـ يَحصل عندما يتوقف الفاعلُ على الاستمرار في خَلق الشيء. ففعله الوحيد، على هذا الأساس هو الاختراع، أما الإعدام والإفناء فيَعرض للأشياء حينما يتوقف فِعلُ الفاعل فقط.
وقد أدى هذا التصور لكون الأشياء وفسادها بالمتكلمين إلى جهل ـ أو تجاهل ـ ما يوجَد في عالم الكون والفساد “من الأمور الفاعلة بعضِها في بعض…[فـ] قالوا إن هاهنا فاعلا واحدا لجميع الموجودات كلها هو المباشرُ لها مِن غير وَسَطٍ” (9). وذلك ليتجنبوا القول بتسلسل تأثير الأشياء في بعضها إلى ما لانهاية، مما يؤدي إلى مُحال إنكار الفاعل الأول (الله). وهذا في رأي ابن رشد مخالفٌ لما يُشاهَد من ظواهر طبيعية يؤثر بعضُها في بعض (10).
ولعل أهم انتقاد وجهه أبو الوليد لتصور المتكلمين هذا لكون وفساد الأشياء يتمثل في قوله: “إن المتكلمين إذا حُقق قولهم وكشِفَ أمرُهم مع مَن ينبغي أن يُكشَف ظهَرَ أنهم إنما جعلوا الإله إنسانا أزليا وذلك أنهم شبَّهوا العالمَ بالمصنوعات التي تَكون عن إرادة الإنسان وعِلمِه وقدرته” (11). فإسقاط الخصائص من طبيعة التكوين الإنساني على الإله جعَلهم يعتقدون أن خَلق الله للموجودات ما هو إلا صورة مكبَّرة لصُنع الإنسان لآلاتٍ معيَّنة، ويتحقق بنفس القدرات التي للإنسان مع فارق واحد هو القولُ بإطلاقية هذه الصفات ولامحدوديتِها حينما تتعلق بالذات الإلهية (12). كما أن فِعل “الكون” لدى المتكلمين، مادام متمثلا في فعل الإبدع والاختراع، أصبح ذا اتجاه نازل من الفاعل الأول إلى مفعولاته المخترَعة، لأن كل فعل، سواء صدر عن الإنسان أو عن الطبيعة عموما، مفعولٌ في الحقيقة ـ حسب رأيهم ـ من طرف الفاعل الأول. وبذلك تكون عملية كون الشيء كلية لا جزئية، تشمل مادته وصورته واستمرارية وجوده على السواء (13)، وذلك عكس تصور أصحاب نظرية الكمون القائلين بأن “الكون إنما هو خروج للأشياء بعضها من بعض” (14). فما هو إذن موقف أهل الكمون من كون وفساد الأشياء؟

II ـ مذهب أهل الكمون في الكون والفساد:
يُنسَب موقف أهل الكمون في الإسلام إلى إبراهيم بن سيّار النَّظام المتكلم المعتزلي الذي جعل من مسألة الكمون النقطة الرئيسية لمذهبه في المباحث الطبيعية (15). وقد خالف المتكلمين في قولهم بالجزء الذي لايتجزأ، ورأى أن “لا جزءَ إلا وله جزءٌ”، ويجوز لذلك تجزئته إلى ما لانهاية. والعالم في نظره يتكون من أعراض هي أجسام لِطافٌ والجوهرُ ذاته مؤلف من أعراض اجتَمَعت (16).
كما ذهب النَّظام إلى أن الله خلق كل الموجودات دُفعة واحدة على ما هي عليه الآن، إلا أنه أكْمَنَ بعضَها في بعض، ثم شَرَع يُخْرجُ بعضَها من بعض على التوالي، مما أدى إلى حصول التقدم والتأخر في ظهورها من مكامنها (17). فلاوجود إذن، لدى أصحاب مذهب الكمون، لإبداع أو اختراع أو خَلق من عدم، بل لاوجود في تصورهم لمفهوم العدم نفسِه، مادام “كلُّ شيءٍ في كلِّ شيءٍ” (18). فالعالم مكتمِل الوجود لايعتريه نقص، والكون “إنما هو خروجٌ للأشياء بعضها من بعض” (19)، في حركية دائمة لايشوبُها سكون (20). أما الفاعل لدى أصحاب هذا المذهب فيختلف عن الفاعل لدى أهل الإبداع والاختراع في كونه “يبدِع الموجود بجملته” (21)، إنما دورُه منحصر في إخراج الموجودات بعضِها من بعض، أي إخراج الكامن منها من الظواهر (22). وفي هذا تقليص كبير للدور الذي يلعبه الفاعل في كون الموجودات، إذ أصبح لديهم الفاعلُ ـ كما يقول ابن رشد ـ مجرَّدَ محرٍّكٍ لاغير (23). وكونُ شيء ما ليس سوى إظهارُه بعد أن كان مستترا كامنا: مثالُ ذلك ظهورُ النخلة من النواة الصغيرة وظهورُ السنبلة من الحَبة وظهورُ الإنسان من النطفة” (24).
وبين المذهبين السابقين: مذهب أهل الإبداع والاختراع ومذهب أهل الكمون، يصنِّف ابنُ رشد باقي المذاهب الفلسفية القائلة بالكون كالآتي:

III ـ مذهب ابن سينا وأصحاب الصور:
وهو القائل بـ”أن الفاعل هو الذي يَخترع الصورة ويبدعُها ويثبتها في الهيولى” (25)، وهو يأتي من حيث الترتيب المشار إليه أعلاه بعد مذهب أهل الإبداع، لأنه شبيه به في قوله بإحداث واختراع الصورة، إلا أنه يختلف عنه في قوله بقِدم المادة.
وهكذا يرى ابن سينا أن الفاعل لكل الموجودات الطبيعية مفارِقٌ للهيولى، ويتمثل فعله في إعطائه للكائنات صورَها حينما تكون مستعدةً لقبولها، وهو لذلك سُمي بـ”واهب الصور”، وهو العقلُ الفعال.
وإن القول بواهب الصور، حسب ابن رشد، ينسجم مع القول باختراع الصور، لأن الصور المخترَعة لابد لها من فاعل مبدِع يَهَبُها الوجود، كما أن المغالاة في هذا القول هو ما أدى بالمتكلمين إلى تجويز حدوث شيء من لاشيء (27)، لأنه (أي هذا القول) يسير في اتجاه سلب الكائنات الطبيعية قواها الداخلية الفعالة وجعل وجودِها رهيناً بِجُودِ واجبِ الوجود بذاتِه الذي يَهَبُها صورَها ووجودَها. وهذا ما جعل الشيخ الرئيس “ينكرُ ضرورةَ اختصاصِ الصور النوعيةِ بموادِّها” (28)، لأن مواد الكائنات ليست في نظره حاملة لوجودها بالقوة ـ كما هو الشأنُ بالنسبة لابن رشد ـ مما جعله “يقول إنه ممكنٌ أن يَتَوَلد إنسانٌ من الترابِ كما يَتَوَلدُ الفأرُ” (29). وعزو ابن رشد هذا الاختلاف الظاهر لدى ابن سينا عن الخط الفلسفي المشائي إلى تأثره بعلم الكلام الأشعري (30)، وذلك لأن الشيخ الرئيس أسَّس موقفَه من الكون والفساد على نظريته في الواجب والممكن التي لاتختلف في شيء عن فكرة الجواز لدى الأشاعرة (31)، مادامت كل الموجودات الطبيعية لدى ابن سينا ممكنة وجائزةً بذاتها، وتنتقلُ بفعل واجبِ الوجود بذاته إلى واجبةِ الوجودِ بغيرها. إذ لايمكنها أبدا أن تكون واجبة الوجود بذاتها، “لأن الواجبَ بجميع الجهات هو الفاعلُ الأول” (32). وهذا ما يمثل في رأي ابن رشد تناقضا كبيرا، إذ يستحيل أن يكون الشيءُ ممكنا من ذاته وضروريا من قِبَل فاعلِه (33)، لأن إمكانية تحقق الشيءِ يجب أن تكون محمولة غي ذات الشيء نفسِه، وهي التي تتحقق بخروجها من القوة إلى الفعل، لأنها ليست مجرد إمكانية ذهنية أو وجود عرَضي يوهب للشيء مِن خارج أو يُنزع منه دون ربطه بمادته النوعية الخاصة. لهذا يقول ابن رشد بأن “ممكن” ابن سينا يقال باشتراك الإسم مع الممكن الحقيقي (34).

IV ـ مذهب ثامسطيوس والفارابي:
وخلاصته أن الفاعل للكون نوعان: منه مَن يفارِق الهيولى، ومنه مَن لايفارِقها (35). وهو لذلك قريب من موقف ابن رشد حينما يرى أن الكائن الطبيعي يكون عن كائن آخر مِن نفس نوعِه، وأن الفاعل لهذا النوع من الكائنات التي توجَد عن أمثالها إو عن بُزور مماثلةٍ لها لايكون مفارِقا للهيولى “مثلَ النار تَفعلُ نارا والإنسان يُوَلِّدُ إنسانا” (36). كما أنه قريب من موقف ابن سينا حينما يرى أن الكائنات التي لاتَكون عن كائنات مُواطِئةٍ لها، كالتي تَتولد عن العفونة، تَتَكَوَّن بوُرودِ صُوَرِها مِن خارج، أي من العقل الفعال، وفي هذه الحالة يكون فاعلها مفارِقا للهيولى (37). وهكذا زاوج بين نمطين من الكون: كون طبيعي يَكون الفاعلُ فيه مماثِلا للكائن (أو مُواطِئا له في الإسم)، وكون “استثنائي” يَكون فاعله مفارِقا للكائن.

V ـ مذهب أرسطو وابن رشد:

وهو مذهب لايقول باختراع الكائن بكامله كما هو الشأن لدى أهل الإبداع، كما لايقول باختراع الصورة فقط وتثبيتِها في المادة القديمة كما يقول الفيضيون، فـ”التكوُّن الذي يدعو إليه ـ ابن رشد ـ لايمتد إلى المادة ولا إلى الصورة، لأنهما ثابتتان، بل يهم فقط المُركَّبَ منهما، أو إنه في حقيقة أمره تَلاحُقٌ للصور المتعددة على نفس المادة” (38). كما أن الكائن في نظر ابن رشد لايَكون من عدم مطلق (39)، بل من عدم مضاف إلى الوجود (40)، “كامن” في موجود بالقوة، الذي هو الهيولى الأولى، أو المادة الخاصة. وبذلك يتعلق فِعلُ الفاعل لكون الشيء بهذه المادة (موضوع الكون) أولاً وبالذات لا بالعدم (41).
21

وهكذا يقترب موقف أبي الوليد من الكون والفساد من بعض المذاهب المخالفة له؛ فخروج شيء من القوة إلى الفعل شبيه باختراع ذلك الشيء، مع فارق وحيد هو أن القائلين بالاختراع يأتون بالصورة من لاصورة، أو يأتون بالشيء من عدمه المطلق، أما كون الشيء لدى ابن رشد فيأتي من عدم مضاف إلى الوجود، حامل لإمكانيات الشيء المتوقع تحققها، “كامن” في موجود بالقوة هو مادةُ الشيء الأولى. وهنا أيضا يقترب موقف ابن رشد من موقف القائلين بالكمون، باعتبار الكون خروج موجودٍ من موجود آخر، وانبثاق شيء من شيء آخر (42)، لكنه يختلف معه في عدم المساواة بين القوة والفعل في رتبتيهما الوجودية وفي وضعه لعدة شروط لخروج الموجود بالقوة إلى الوجود بالفعل، وهي شروط يمكننا تصنيفها إلى نوعين:
1 ـ شرطان داخليان يتمثلان في حصول القوة القريبة للشيء الخارج إلى الفعل، ونضجه أو استعداده للخروج (43).
2 ـ شرطان خارجيان يتمثلان في حضور “الأسباب الفاعلة وارتفاع العوائق” (44).
ويؤكد ابن رشد ـ في موضع من تفسير ما بعد الطبيعة ـ أنه لامجال لإدخال الضرورة والاضطرار في خروج القوة إلى الفعل، وبالتالي فإن “الكون ليس هو شيءٌ باضطرار ولو كان ذلك لكانت جميعُ الأمور موجودة باضطرار ولو كان ذلك كذلك لكان الكونُ شيئا موجودا في جوهر الأشياء التي فيها الكون” (45).
وإذا كان الكائن ـ في طور إمكانه ـ لايَخضع للضرورة المطلقة في كونه، فإن “كونَه” أو انتقاله من “موجود بالقوة” إلى “موجود بالفعل” لايخلو من أية ضرورة، وإلا نفينا الأسبابَ المؤدية إلى كونه، وعلى الخصوص منها السببين الفاعل والغائي. فنفيُ كل ضرورة عن الكائن يؤدي بالضرورة إلى نفي البُعد الغائي الذي يلعب دورا أساسيا في الفلسفة الطبيعية المشائية، كما يؤدي إلى تجاوز القوانين التي تنظم سير الكبيعة وتفسر ظواهرها.
فكيف ننفي عن الكائن “كونَه” باضطرار ثم نخضعه لضرورة أو لضرورات أخرى؟ يبدو أن فكرة الضرورة والاضطرار، أو عدمها، تَرد في هذا المجال في سياقين مختلفين: فنفيُ الضرورة عن “كون” الكائن معناه إمكانية وجوده وإمكانية عدمه، وذلك حينما يكون الكائن “موجودا بالقوة”. وقد رأينا سابقا أن إمكانية وجود الكائن تتحقق إذا توفرت شروط داخلية وخارجية للكائن، ولاتتحقق إن لم تتوفر تلك الشروط.
أما الضرورات التي يَخضع لها الكائن، فلا توجد له إلا أثناء وبعد خروجه إلى الفعل. وما الشروط الواجبُ توفرُها ليكون الكائنُ إلا بعضُ هذه الضرورات التي تمثل قوانينَ الطبيعة. لهذا يقول ابن رشد: “لايَكون الموضوعُ بالقوة دائما ولا شبيهٍ بالمقبول بل إنما يكون ذلك في وقت ما ولموضوع ما لا في أيِّ وقتٍ اتفَق ولا في أي موضوع اتفَق” (47). كما “أن كل واحد من الجواهر يَكون مِن المواطِئ له بالإسم” (48).
وقد كان لمبدإ “الكون عن المواطِئ” أهمية قصوى في بناء نظريته في كون وتوالد الكائنات (49). ومعنى المواطِئ في هذا المجال هو وجود مكوِّن من نفس نوع المتكوِّن، “مثل النار التي تَفعل ناراً والإنسان يوَلِّد إنساناً” (50)؛ مما جعل ابن رشد يدافع عنه ـ المبدأ ـ باستماتة ضد كل من حاول التقليل من أهميته، رغم الصعوبات النظرية التي تَحد من مصداقيته، وأهمُّها:
1 ـ كيف نفسر الاستثناءات النادرة التي تخرج عن قاعدة هذا المبدإ كتولد البغل عن الفرس والحمار؟!
2 ـ كيف تتولد بعض الكائنات بدون بزور؟
ففيما يخص النقطة الأولى، يرى ابن رشد أن مثل هذه الاستثناءات ليست بعيدة عن القاعدةن ما دام كلٌّ من الفرس والحمار ينتميان لنفس الجنس. وهذا ما جعل ابن رشد يوسع هذه القاعدة بقوله بأن “الشيءَ الذي عنه يتكوَّن [المتكوِّن] وهو الفاعل القريب له واحداً إما بالنوع وإما بالجنس” (51). وفي موضع آخر يعود ابن رشد إلى القاعدة السابقة في حدودها الضيقة قائلا بأن “كل متولد تولدا طبيعيا أي توليدا غيرَ منقطع فإنه إنما يَتولد عن مثله” (52). أما تولد البغل عن الفرس والحمار فهو تولدٌ منقطِع، لأن البغل ليست له قدرة على الإنجاب، بالإضافة إلى كونه يولد “بطريق عرَضي وعلى غير الطبيعة” (53).
أما بخصوص النقطة الثانية، فإن تكوُّن بعض الكائنات من غير بزور يَطرح عدة صعوبات؛ فعدم كونها عن بزور يُفقدها أهمَّ عنصر من عناصر التكون (البزور) بما تَحمله من قوة مصوِّرة وحرارة، كما يجعلها “منقطعة” لا أبَ ولا أسلافَ لها، وهذا ما يهدد بزعزعة البناء البيولوجي الرشدي القائم على القول بأن “كل واحد من الجواهر يَكون من المواطِئ له بالإسم” (54). ذلك أن هذه الكائنات تتكون العفونة أو من التراب والماء، وهي أمور غيرُ مواطِئة لها بالإسم.
ومع ذلك يَلوح من نصوص ابن رشد في هذا المجال أنه يظل متشبثا بمبدإ “الكون عن المواطئ” حتى بالنسبة للمتكوِّنات عن العفونة، وذلك لإنقاذ نظريته في تولد الكائنات من الانحراف عن خطها البيولوجي، حيث يقول: “فالجواهر التي تتكوَّن من العفونة هي داخلة فيما يَكون عن المواطِئ لا فيما يَتكون عن الاتفاق لأن ما يَتكوَّن عن الاتفاق ليس لكونها نظام ولا هي أنواع مقصودة من الطبيعة” (55). وليجلي ابن رشد الغموضَ أو التناقض الذي يبدو بين اعتبار الكائنات عن العفونة غيرَ ذات بزور، واعتبارها كائنات عن المواطِئ، يَستدرك قائلا: “وإذا قلنا إن الذي يَتولد من العفونة يَتولد عن المواطِئ فليس معناه أنها تتولد عن الحرارة بالفعل فقط… وإنما معنى ذلك أن العفونة التي تتولد منها هي بمنزلة البزور في المتناسِل” (56). ولا يكتفي ابن رشد بذلك فقط، بل يذهب إلى حد القول بوجود قوة مولِّدة من العفونة شبيهة بالقوة المصوِّرة التي في البزور، و”إذا كان ما يَحدث عن المهنة والصناعة إنما يَحدث عن المتواطِئ فواجبٌ أن يكون ما يَحدث عن القوة التي في العفونة المختصة بحيوان حيوان إنما يَحدث عن المواطِئ” (57). والفرق الوحيد بين القوة المولِّدة التي في العفونة، والقوة المولِّدة التي في البزر هو “أن التي في البزر كانت عن ذي البزر والشمس والتي في العفونة كانت عن الشمس فقط” (58).
وقد أولى ابن رشد لهذا الموضوع أهمية خاصة، نظرا لاستغلاله من طرف بعض الفلاسفة للدفاع عن الأطروحة الأفلاطونية القائلة بتدخل صور مفارِقة في تكوين كل أو بعض كائنات هذا العالم، حيث وجدوا ضالتهم المنشودة في الكائنات عن العفونة، مادامت لاتتكون عن بزور ولا عن مواطِئ لها بالإسم والحد (59). لهذا انتقد ابن رشد موقف ثامسطيوس القائل بكون هذه المتكوِّنات عن صور مفارِقة، دون أن ينحاز لموقف الإسكندر الذي يرى “أنها تتولد عن حرارةٍ بالفعل فقط” (60). وذلك لأن كِلا الموقفين غيرُ قادر على تقديم تفسير عقلاني ومقنِع لعملية كون هذه الكائنات. فإن كان موقف ثامسطيوس يُخرج مسلسل كون هذه الكائنات من نطاقه الطبيعي ـ البيولوجي ليقحمه في ما بعد الطبيعة، فإن موقف الإسكندر لايقدم الآليات الكافية لتفسير هذا النوع من الكون، إذ لايكفي إرجاعُها إلى الحرارة فقط، خاصة وأن ابن رشد يرى أنها ـ أي الحرارة ـ ليس فيها كفاية في كون أيِّ كائن (61).
إذن، لم يكن لابن رشد بُدٌّ من تقريب نمط تولُّدِ الكائنات عن العفونة من نمط تكوُّن الكائنات عن البزور، ليدمجها معاً في الكائنات عن المواطِئ. وذلك لأن الكائنات الأولى لاتختلف عن الثانية سوى في كونها ناقصة عنها (62)، أي أنها بطبيعتها تنتمي إلى كائنات دنيا في سلم ترتيب الكائنات الطبيعية. وهي علاوة على ذلك لاتَحدث كيفما اتفَق وفي أي زمن اتفَق، بل “أكثرُها إنما تَحدث في أزمنة محدودة” (63)، وتمثل “أنواع مقصودة من الطبيعة” (64). “فلا معنى [إذن] للقول في هذه إنها حادثة عن الاتفاق” (65).
وأهم ما يميز موقف ابن رشد هذا من الكون، أنه موقف يَنظر إلى ظاهرة “الكون” بجهات نظر مختلفة، محاولا ضبط كل العوامل المؤثرة فيها والكشف عن أسبابها الظاهرة والخفية، القريبة والبعيدة، دون إغفال عوامل الاحتمال والاستثناء، مما جعل تحليله أبعد ما يكون عن الآلية (الميكانيكية) التبسيطية أو الحتمية المتصلبة.
وقد كان لموقف فيلسوفنا هذا امتدادات هامة داخل فلسفته ـ لايتسع المجال للخوض فيها ـ كقوله بالحدوث المستمر للعالم، وربطه بين عالم التعدد والكون والفساد، وعالم الوحدة والثبات (عالم الأجرام والعقول السماوية)، دون السقوط في نظرية الفيض من جهة، ودون التخلي عن أهم مبادئ الإسلام المتمثلة في تنزيه الله والقول بعنايته الشاملة لكل مخلوقاته من جهة ثانية، مع حرصه على عدم الانحراف عن توجهه الفلسفي ـ الأرسطي من جهة ثالثة (66).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:

(*) هذا البحث صيغة منقحة من ورقة سبق أن شاركنا بها ضمن أعمال مائدة مستديرة حول “ابن رشد في حاضرة مراكش”، التي تم تنظيمها بمدينة مراكش من طرف كلية الآداب بالرباط، بدعم من المؤسسة الألمانية “كونراد أديناور”، وذلك في الفترة ما بين 24 و27 أبريل 1997.
1) انظر في هذا الصدد د. محمد المصباحي: إشكالية العقل عند ابن رشد، المركز الثقافي العربي، بيروت/الدار البيضاء 1988، ص: 196.
2) انظر ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، تح. م. بويج، دار المشرق، بيروت، 1973. مقالة اللام، ص: 1497-1500.
3) يقول إمام الحرمين الجويني: “فهذا هو مذهب أهل الحق، فالحوادث كلها حدثت بقدرة الله تعالى، ولا فرق بين ما تعلقت قدرة العباد به، وبين ما تفرَّد الربُّ بالاقتدار عليه. ويَخرج من مضمون هذا الأصل، أن كل مقدور لقادر، فالله تعالى قادر عليه ومخترعُه ومنشؤه”، كتاب الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، تح. محمد يوسف موسى وعلي عبد المنعم عبد الحميد، مكتبة الخانجي، مصر 1950، ص: 187. وفي موضع آخر يقول الجويني إن الفاعل الحقيقي و “الخالق المبدع ربُّ العالمين، ولا خالقَ سواه، ولا مخترعَ إلا هو” (ن. م. ص. ن). ويقول أبو الحسن الأشعري: “إن ذلك كله مخترع لله مختار، ولو شاء الله أن يَفعل على خلاف ذلك الوجه كان عليه قديرا”، مَجْرَدُ مقالات الشيخ أبي الحسن الأشعري، من إملاء أبي بكر بن الحسن بن فَوْرَك، تح. دانيال جيماريه، دار المشرق، بيروت 1987، ص: 134.
4) يقول ابن رشد: “إذا كان مُجْمَعا عليه عند العقلاء أنه لايَكون كَوْنٌ من لاشيء لأن العدم لايتغير والكائن متغير ضرورةً، ولكن قال بهذا على خروجه على الطبع المتكلمون من أهل ملتنا”، نص من “شرح السماء والعالَم”، ضمن تلخيص السماء والعالَم، تح. جمال الدين العلوي، منشورات كلية الآداب بفاس 1984، هامش رقم 369، ص: 145.
5) و 6) ن. م، هامش رقم 381، ص: 147.
7) ابن رشد، تهافت التهافت، تح. م. بويج، بيروت، دار المشرق 1987، ص: 222.
8) ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، مقالة اللام، ص: 1504.
9) ن. م، ص: 1503-1504.
10) يقول ابن رشد: “ووضْعُهم أيضا أن الفاعل الواحد بعينِه الذي هو المبدأ الأول هو فاعلٌ لجميع ما في العالَم من غير وسط وذلك أن هذا الوضعَ يخالِف ما يُحَس مِن فِعل الأشياءِ بعضِها في بعض وأقوى ما أقنعوا به في هذا المعنى أن الفاعل لو كان مفعولا لمَرَّ الأمرُ إلى غير نهاية”، تهافت التهافت، ص: 224، س3-4.
1) ابن رشد، تهافت التهافت، ص: 425.
12) يقول ابن رشد: “إنهم اعتقدوا أن هاهنا ذاتا غيرَ جسمانية ولا هي في جسم حيةً عالمةً مريدةً قادرةً متكلمة سميعة بصيرة إلا أن الأشعرية دون المعتزلة اعتقدوا أن هذه الذات هي الفاعلةُ لجميع الموجودات بلا واسطة والعالمةُ لها بعلم غير متناهٍ… وأن هذه الذات الحية العالمة المريدة السميعة البصيرة القادرة المتكلمة موجودةٌ مع كل شيء وفي كل شيء أعني متصلة به اتصالَ وجودٍ”، تهافت التهافت، ص: 218-219.
13) يقول ابن رشد: “وأما مذهبُ أهل الاختراع والإبداع فهم الذين يقولون إن الفاعل هو الذي يبدِع الموجودَ بجملته ويخترعُه اختراعا وأنه المخترعُ للكل وهذا هو الرأيُ المشهور عند المتكلمين”، تفسير ما بعد الطبيعة، مقالة اللام، ص: 1498.
14) ن. م، ص: 1497.
15) العراقي، محمد عاطف، الموسوعة الفلسفية العربية، مادة “كمون”، معهد الإنماء العربي، ط1، بيروت 1986، ص: 699.
16) نظمي سالم، محمد عزيز، إبراهيم بن سيّارالنَّظام والفكر النقدي في الإسلام، الإسكندرية 1983، ص: 39. انظر أيضا الطاهر وعزيز، الموسوعة الفلسفية العربية، مادة “طبيعة”، ص: 562.
17) ن. م. ص.
18) ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، مقالة اللام، ص: 1497.
19) ن. م. ص.
20) يقول النَّظام: “إن سكون شيء في مكان معناه أنه كان فيه وقتين، أي تَحَرَّكَ فيه وقتين”، عن نظمي سالم محمد عزيز، م. م، ص: 40.
21) ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، مقالة اللام، ص: 1498.
22) يقول ابن رشد عن أصحاب هذا المذهب: “وإن الفاعل إنما احتيج إليه في الكون لإخراج بعضِها مِن بعض وتمييز بعضِها من بعض”، ن. م، ص: 1497.
23) يقول ابن رشد: “وبَيِّنٌ أن الفاعلَ عند هؤلاء ليس شيئا أكثرَ من محرِّكٍ”، ن. م، ص: 1497-1498.
24) العراقي، محمد عاطف، الموسوعة الفلسفية العربية، مادة “كمون”، ص: 699.
25) ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، مقالة اللام، ص: 1498.
26) يقول ابن رشد: “وهؤلاء منهم من يَرى أن الفاعل الذي بهذه الصفة ليس هو في هيولى أصلاً وهو الذي يُسمونه واهب الصور وابن سينا مِن هؤلاء”، ن. م، ص: 1498. ويقول في موضع آخر: “قال قومٌ أن الصور الجوهرية كلها تَحدث عن صورةٍ مفارِقة مِن خارج وهي التي يُسميها قومٌ بواهب الصور ويقولون إن هذا هو العقل الفعال”، ن. م، ص: 1496.
ويقول ابن سينا: “والمبدأ المفارِق للطبيعيات ليس هو سببا للطبيعيات فقط، بل ولمبدأيها المذكورين (المادة والصورة)، وهو يَستبقي المادةَ بالصورة، ويَستبقي بهما الأجسامَ الطبيعية، فإذن هو مفارِقُ الذاتِ للطبيعيات”، كتاب النجاة، تح. ماجد فخري، ط1، دار الآفاق الجديدة، بيروت 1985، ص: 136. ويقول في موضع آخر: “ويشبه أن يكون الذي يعطي الصورةَ المقوِّمة للأنواع الطبيعية خارجاً عن الطبيعيات”، الشفاء، الطبيعيات، 1 ـ السماع الطبيعي، تح. سعيد زايد، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1983، ص: 49.
27) انظر ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، مقالة اللام، ص: 1503.
28) ن. م، مقالة الألف الصغرى، ص: 47.
29) ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، مقالة الألف الصغرى، ص: 49.
30) يقول ابن رشد بخصوص هذه الفكرة: “وقد نجد ابن سينا يذعن لهده الفكرة (أي لمقدمة الجويني الأشعري القائلة بأن العالم جائزٌ أن يكون على مقابل ما هو عليه) بوجهٍ ما، وذلك أنه يَرى أن كل موجود ما سوى الفاعل، فهو إذا اعتبـِر بذاته ممكنٌ وجائزٌ”، الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة، ضمن كتاب: فلسفة ابن رشد، ويحتوي على “فصل المقال” و”الكشف عن مناهج الأدلة”، المكتبة المحمودية التجارية، ط 2، القاهرة 1935، ص: 57-58.
31) ن. م. ص.
32) ابن رشد، الكشف عن مناهج الأدلة، م. م، ص: 57-58.
33) ن. م. ص: 58.
34) ابن رشد، تهافت التهافت، ص: 236-279.
35) ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، مقالة اللام، ص: 1503.
36) ابن رشد، ن. م. ص: 1498. ويقول الفارابي: “الشيئُ يَكون فاعلا لآخر متى لَزِمَ عنه… فلذلك يَلزَم أن يَكون الفاعلُ متى كان مكتفيا في نفسه وحده أن يَحدث عنه شيء”، فصول منتزَعة، ضمن كتاب: الفارابي في رسومه وحدوده، جعفر آل ياسين، عالم الكتب، ط1، بيروت 1985، ص: 406.
37) يقول ابن رشد: “منهم مَن يَرى أن الفاعل الذي بهذه الصفة يوجَد بحالتين إما مفارِقا للهيولى وإما غيرَ مفارِقٍ فالغيرُ مفارِقٍ عندهم مثل النار تَفعل ناراً والإنسان يوَلِّد إنسانا والمفارِقُ هو الموَلِّد للحيوان والنبات التي لايوجَد عن حيوان مثله ولا عن بزر مثله وهذا هو مذهب ثامسطيوس ولعله مذهبُ أبي نصر فيما يَظهر مِن قوله في الفلسفتين وإن كان شكَّ في إدخال هذا الفاعل في الحيوان المتناسِل”، تفسير ما بعد الطبيعة، مقالة اللام، ص: 1499. ويقول في موضع آخر: “لاحاجة لنا إلى إدخال الصور التي ظن ثامسطيوس أنه يَلزمنا إدخالها في الحيوانات التي تَتولد عن العفونة”، ن. م. ص: 1465.
38) محمد المصباحي: م. م، ص: 196.
39) يقول ابن رشد: “فإنه لايوجَد عدمٌ مطلق كما يوجَد وجودٌ مطلق بل عدمٌ مضافٌ، إذ كان العدمُ عدماً لشيءٍ”، ن. م. ص: 801.
40) ن. م. ص: 391.
41) انظر: ابن رشد، تهافت التهافت، ص: 145. وجوامع السماع الطبيعي، تح. ج. بويج، المعهد الإسباني العربي للثقافة، مدريد 1983، ص: 13. وتفسير ما بعد الطبيعة، ص: 391 و ص: 801.
42) يقول ابن رشد عن موقفه ـ وموقف أرسطو ـ المتعلق بكون وتوالد الكائنات، أنه: “يشبه الاختراعَ أيضا من جهة أنه يُصَيِّر ما كان بالقوة إلى الفعل ويفارِقُ الاختراعَ بأنه ليس يَأتي بالصورة مِن لا صورةٍ وكذلك فيه شَبَهٌ مِن الكمون وكلُّ مَن قال بالاختراع أو الكمون أو الجمع أو التفريق فإنما أَمُّوا هذا المعنى فوَقفوا دونَه”، وتفسير ما بعد الطبيعة، ص: 1499.
43) وبتعبير ابن رشد: “وجودُ الموضوع القريب، والحالة التي بها قوي”، تلخيص ما بعد الطبيعة، تح. عثمان أمين، القاهرة، 1958، ص: 86.
44) ن. م. ص.
45) ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، ص: 735.
46انظر: ابن رشد، جوامع السماع الطبيعي، ص: 13.
47) ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، ص: 1168.
48) ن. م. ص: 1457.
49) انظر محمد المصباحي: م. م، ص: 195-200.
50) ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، مقالة اللام، ص: 1498.
51) ابن رشد، تهافت التهافت، ص: 211. وقوله بأن “المواطِئ يَكون مِن المواطِئ أو قريبٍ مِن المواطِئ”، تفسير ما بعد الطبيعة، مقالة اللام، ص: 1499. ويقول في موضع آخر: “إما أن يَكون الموَلِّد يوَلِّد مثله بالنوع، كالإنسان يوَلِّد إنسانا والفرس فرسا، وإما أن يَكون شبيها ومناسبا: كالحمار يوَلِّد بغلا”، تلخيص ما بعد الطبيعة، ص: 46.
52) ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، ص: 869.
53) ن. م. ص: 868.
54) ن. م. ص: 1457.
55) ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، ص: 1463-1464.
56) ن. م. ص: 1464. 57) ن. م. ص.
58) ن. م. ص: 1464-1465. نجد فكرة شبيهة بهذه لدى أرسطو في “كون الحيوانات”، حيث يذهب إلى أن مبدءاً نفسيا هو عبارة عن نَفَس (Souffle) يوجَد منحصرا في خليط من الماء والتراب، وحينما يتعرض لحرارة الفصل، يَنتج منه جنين الكائنات التي وجودُها تلقائي.
Aristote: De la génération des Animaux, Trad. P. Louis, éd. Les belles lettres, Paris 1961, P. 132.
59) يقول ابن رشد في حديثه عن المتكوِّنات عن العفونة: “لا حاجة لنا إلى إدخال الصور التي ظن ثامسطيوس أنه يَلزمنا إدخالها في الحيوانات التي تَتولد عن العفونة”، تفسير ما بعد الطبيعة، ص: 1465. ويقول أيضا: “وثامسطيوس يَحتج لأفلاطون عن وجود الصور فاعلةً بوجود الحيوانات التي تَتولد عن العفونة”، تلخيص ما بعد الطبيعة، ص: 51.
60) ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، مقالة اللام، ص: 1464.
61) ابن رشد، تهافت التهافت، ص: 578.
62) “وإنما هي ناقصة عن الأنواع المتناسلة”، ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، مقالة اللام، ص: 1464.
63) و64) و65) ن. م، ص.
66) انظر رسالتنا لنيل دبلوم الدراسات العليا في موضوع: “الكون والفساد في فلسفة ابن رشد” بخزانة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس (مرقونة).

عزيز بوستا

أستـــاذ بــاحث بالمركز الجــهوي لمــهن التــربية والتــكوين بطــــنجة حـــاصل علــى: دكــــتوراه فـــي عـــلوم الـــتربية، ودبـــلوم الــــــدراسات العــــليا فـــي الفلســـفة. شارك في أنشطة متنوعة (علمية وثقافية عامة) في إطار تظاهرات وندوات وموائد مستديرة، من تنظيم جمعيات ومنظمات وطنية ودولية، ولقاءات إذاعية وإعلامية مختلفة... ساهم فــي التــكوين الأســاس والمســـتمر للمـــدرسين وأطـــر الإدارة التــربوية، بكــافة أســلاك التعــليم المــدرسي، فــي مواضيع ذات علاقة بالتربية والتكوين. له مقالات متعددة في الفلسفة وعلوم التربية، بمجلات وجرائد ومواقع إلكترونية مغربية وعربية. (يعاد نشر بعضها بهذا الموقع).

اخر المقالات
التعليقات ( 8 )
  1. محمد القيطوني
    2015-09-14 at 07:25
    رد

    شكرا جزيلا استاذ على هذه المقالة العلمية الرائعة.

    • admin
      2015-09-14 at 14:46
      رد

      أشكرك يا سيدي على تعليقك المشجع، مع أطيب التحيات.

  2. gfdesigns
    2015-10-11 at 10:20
    رد

    Excellent post, I think site owners should learn lots from this blog site its truly user friendly.

    • عزيز بوستا
      عزيز بوستا
      2015-10-11 at 18:07
      رد

      Thanks for your Kindness

  3. Xtreme Antler
    2015-11-03 at 04:16
    رد

    When someone writes an piece of writing he/she retains the thought of
    a user in his/her mind that how a user can be aware of it.
    So that’s why this article is great. Thanks!

  4. Buy PBE account
    2015-11-07 at 06:41
    رد

    I couldn’t resist commenting. Exceptionally well written!

  5. Nannette
    2015-11-29 at 23:03
    رد

    naturally like your web site but you have to check the spelling on several
    of your posts. Several of them are rife with spelling problems
    and I in finding it very bothersome to tell the truth however I will definitely come again again.

  6. Brett
    2015-11-30 at 07:55
    رد

    Very shortly this web page will be famous amid all blogging and site-building users, due
    to it’s good posts

‎اضف رد لـ عزيز بوستا
الرمز الامني اضغط علي الصورة لتحديث الرمز الامني .